الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن عاشور: والمثل هنا لَمَّا أضيف إلى {الذين كفروا} كان ظاهرًا في تشبيه حالهم عند سماع دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إياهم إلى الإسلام بحال الأنعام عند سماع دعوة من ينعق بها في أنهم لا يفهمون إلاّ أن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى متابعته من غير تبصر في دلائل صدقه وصحة دينه، فكلٌّ من الحالة المشبهة والحالة المشبه بها يشتمل على أشياء: داعٍ ومدعو ودعوة، وفَهْم وإعراض وتصميم، وكل من هاته الأشياء التي هي أجزاء التشبيه المركب صالح لأن يكون مشبهًا بجزء من أجزاء المشبه به، وهذا من أبدع التمثيل وقد أوجزتْه الآية إيجازًا بديعًا، والمقصود ابتداءً هو تشبيه حال الكفار لا محالة، ويستتبع ذلك تشبيه حال النبي وحال دعوته، وللكفار هنا حالتان: إحداهما حالة الإعراض عن داعي الإسلام، والثانية حالة الإقبال على عبادة الأصنام، وقد تضمنت الحالتين الآيةُ السابقة وهي قوله: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه أباءنا} [البقرة: 170] وأعظمه عبادة الأصنام، فجاء هذا المَثَل بيانًا لما طُوي في الآية السابقة.فإن قلت: مقتضى الظاهر أن يقال: ومثل الذين كفروا كمثل غَنَم الذي ينعق؛ لأن الكفار هم المشبهون والذي ينعق يُشبههُ داعي الكفار فلماذا عدل عن ذلك؟ وهل هذا الأسلوب يدل على أن المقصود تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لهم بالذي ينعق؟ قلت: كِلاَ الأمرين منتف؛ فإن قوله: {ومثل الذين}، صريح في أنه تشبيه هيئة بهيئة كما تقدم في قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد} [البقرة: 17]، وإذا كان كذلك كانت أجزاء المركبين غير منظور إليها استقلالًا وأيَّها ذكرتَ في جانب المركب المشبَّه والمربه المشبه به أجزأك، وإنما كان الغالب أن يبدءَوا الجملة الدالة على المركب المشبه به بما يقابل المذكور في المركب المشبه نحو: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا} وقد لا يلتزمون ذلك، فقد قال الله تعالى: {مثل ما ينفقون في هذه الحياة الدنيا كمثل ريح فيها صر} [آل عمران: 117] الآية. والذي يقابل {ما ينفقون} في جانب المشبه به هو قوله: {حرث قوم} [آل عمران: 117] وقال: {مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل} [البقرة: 261] وإنما الذي يقابل {الذين ينفقون} في جانب المشبه به هو زارع الحبة وهو غير مذكور في اللفظ أصلًا وقال تعالى: {كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب} [البقرة: 264] الآية، والذي يقابل الصفوانَ في جانب المشبه هو المال المنفَق لا الذي ينفق، وفي الحديث الصحيح «مَثَل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر أجراء». إلخ، والذي يقابل الرجل الذي استأجر في جانب المشبه هو الله تعالى في ثوابه للمسلمين وغيرهم ممن آمن قبلنا، وهو غير مذكور في جانب المشبه أصلًا، وهو استعمال كثير جدًا، وعليه فالتقديرات الواقعة للمفسرين هنا تقادير لبيان المعنى، والآية تحتمل أن يكون المراد تشبيه حال المشركين في إعراضهم عن الإسلام بحال الذي ينعق بالغنم، أو تشبيه حال المشركين في إقبَالهم على الأصنام بحال الداعي للغنم، وأيًّا ما كان فالغنم تسمع صوت الدعاء والنداء ولا تفهم ما يتكلم به الناعق، والمشركون لم يهتدوا بالأدلة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم فيكون قوله: {إلا دعاء ونداء} من تكملة أوصاف بعض أجزاء المركب التمثيلي في جانب المشبه به، وذلك صالح لأن يكون مجرد إتمام للتشبيه إن كان المراد تشبيه المشركين بقلة الإدراك، ولأَنْ يكون احتراسًا في التشبيه إن كان المراد تشبيه الأصنام حين يدعوها المشركون بالغنم حين ينعق بها رُعاتها فهي لا تسمع إلاّ دُعاء ونداء، ومعلوم أن الأصنام لا تسمع لا دعاء ولا نداء فيكون حينئذٍ مثل قوله تعالى: {فهي كالحجارة أو أشد قسوة} [البقرة: 74] ثم قال: {وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار} [البقرة: 74].وقد جوز المفسرون أن يكون التمثيل على إحدى الطريقتين، وعندي أن الجمع بينهما ممكن ولعله من مراد الله تعالى؛ فقد قدمنا أن التشبيه التمثيلي يحتمل كل ما حَمَّلْتُه من الهيئة كلها، وهيئةُ المشركين في تلقي الدعوة مشتملة على إعراض عنها وإقبال على دينهم كما هو مدلول قوله تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع} [البقرة: 170] الآية، فهذه الحالة كلها تشبه حال الناعق بما لا يَسمع، فالنبي يدعوهم كناعققٍ بغنم لا تفقه دليلًا، وهم يدعون أصنامهم كناعق بغنم لا تفقه شيئًا.ومن بلاغة القرآن صلوحية آياته لمعان كثيرة يفرضها السامع. اهـ..قال البقاعي: {ومثل} وبين الوصف الذي حملهم على هذا الجهل بقوله: {الذين كفروا} أي ستروا ما يعلمون من عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه وحكمته بما عندهم من الهوى في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت من غير إلقاء أذهان ولا استبصار {كمثل} قال الحرالي: المثل ما يتحصل في باطن الإدراك من حقائق الأشياء المحسوسة فيكون ألطف من الشيء المحسوس فيقع لذلك جاليًا لمعنى مثل المعنى المعقول ويكون الأظهر منهما مثلًا للأخفى، فلذلك يأتي استجلاء المثل بالمثل، ليكون فيه تلطيف للظاهر المحسوس وتنزيل للغائب المعلوم؛ ففي هذه الآية يقع الاستجلاء بين المثلين لا بين الممثولين لتقارب المثلين يعني وهو وجه الشبه وتباعد الممثولين، وفي ذكر هذين المثلين تقابل يفهم مثلين آخرين، فاقتضى ذلك تمثيلين في مثل واحد كأن وفاء اللفظ الذي أفهمه هذا الإيجاز مثل الذين كفروا ومثل راعيهم كمثل الراعي ومثل ما يرعى من البهائم وهو من أعلى خطاب فصحاء العرب، ومن لا يصل فهمه إلى جمع المثلين يقتصر على تأويله بمثل واحد فيقدر في الكلام: ومثل داعي الذين كفروا {كمثل الذي ينعق} أي يصيح، وذلك لأن التأويل يحمل على الإضمار والتقدير، والفهم يمنع منه ويوجب فهم إيراد القرآن على حده ووجهه؛ وقال: {بما} أي بسبب شيء من البهائم التي {لا} عقل لها فهو {يسمع إلا دعاء} أي من الناطق فيما يدعي إليه من قوام غذائه ونسله {ونداء} فيما ساق إليه بمحل دعائه من حيث إن النداء يشعر بالبعد والدعاء يشعر بالشروع في القصد. انتهى.فالكافرون في كونهم لا يرجعون عن غيهم لما يسمعون من الأدلة وهم أولو عقل وسمع وبصر كالبهم التي تسمع وتبصر ولكنها لكونها لا تعقل لا ترجع بالكلام لأنها لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته بل بالحجر والعصا، فإن الراعي إذا أراد رجوعها عن ناحية صاح بها ورمى بحجر إلى ما أمامها فترجع، فهي محل مثلهم الذي هو عدم الإدراك، والبهم في كونها لا ترجع بالنداء بل بقارع كالأصم الأبكم الأعمى الذي لا يرجع إلا بقارع يصكه في وجهه فينكص على عقبه فهو محل مثلها، وداعيهم في كونه يتكلم فلا يؤثر كلامه مع المبالغة فيه كراعي البهم فهو موضع مثله، وراعي البهم من حيث إن بهمه لا ترجع إلا بضربة بالحجر أو غيره كالسوط الذي يقمع به الأصم أو كضارب الأصم المذكور فهو محل مثله؛ فلذلك كانت نتيجة التمثيل قوله: {صم} أي لا يسمعون {بكم} أي لا ينطقون {عمي} أي لا يبصرون، وقد علم بهذا أن الآية من الاحتباك حذف من الأول مثل الداعي لدلالة الناعق عليه ومن الثاني المنعوق به لدلالة المدعوين عليه. ولما كان موجود إدراك العقل هو حقائق المحسوسات وقد نفى عنهم الحس المدرك للمحسوسات ترتب عليه قوله: {فهم} بالفاء ربطًا وتعقيبًا وتسبيبًا {لا يعقلون} لأنهم لا ينتفعون بعقولهم كما أن هذا الأصم كذلك، ونفاه بلا النافية للممتنع وصيغة المضارع المنبئة عن الدوام- قاله الحرالي. اهـ.قوله تعالى: {كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً}.والنعق نداء الغنم وفعله كضربَ ومنَع ولم يُقرأ إلاّ بكسر العين فلعل وزن ضرب فيه أفصح وإن كان وزن منَع أقيس، وقد أخذ الأخطل معنى هذه الآية في قوله يصف جريرًا بأن لا طائل في هجائه الأخطلَ:والدعاء والنداء قيل بمعنى واحد، فهو تأكيد ولا يصح، وقيل الدعاء للقريب والنداء للبعيد، وقيل الدعاء ما يُسمع والنداء قد يسمع وقد لا يسمع ولا يصح.والظاهر أن المراد بهما نوعان من الأصوات التي تفهمها الغنم، فالدعاء ما يخاطب به الغنم من الأصوات الدالة على الزجر وهي أسماء الأصوات، والنداء رفع الصوت عليها لتجتمع إلى رعاتها، ولا يجوز أن يكونا بمعنى واحد مع وجود العطف؛ لأن التوكيد اللفظي لا يعطف فإن حقيقة النداء رفع الصوت لإسماع الكلام، أو المراد به هنا نداء الرِّعاء بعضهم بعضًا للتعاون على ذود الغنم. اهـ. .قال ابن عادل: قال الزَّمَخْشَرِيُّ: ويجوزُ أن يرادَ ب {بمَا لاَ يَسْمَعُ} الأصمُّ الأصْلَج الذي لا يَسْمَعُ من كلام الرَّافِعِ صَوْتَهُ بِكَلاَمِهِ إلاَّ النِّداءَ والصَّوتَ، لا غير؛ من غير فهم للحرف، وهذا جنوح إلى جواز إطلاق ما على العقلاء، أو لما تنزَّل هذا منزلة من لا يسمع من البهائم، أوقع عليه ما.وأما على القول الرابع- وهو اختيار سيبويه في هذه الآية: فتقديره عنده: مَثَلُكَ يَا مُحَمَّدُ، ومَثَلُ الذين كَفَرُوا، كَمَثَل النَّاعق والمنْعُوقِ به، واختلف النَّاس في فهم كلام سيبويه، فقائل: هو تفسير معنى، وقيل: تفسير إعرابٍ، فيكون في الكلام حذفان: حذف من الأوَّل، وهو حذف دَاعِيهم، وقد أثبت نظيره في الثاني، وحذفٌ من الثَّاني، وهو حذف المنعوق، وقد أثبت نظيره في الأول؛ فشبَّه داعِيَ الكُفَّار براعي الغنم في مخاطبته من لا يفهم عنه، وشبَّه الكفَّار بالغنم في كونهم لا يسمعون مما دعوا إليه، إلاَّ أصواتًا لا يعرفون ما وراءها، وفي هذا الوجه حذف كثير؛ إذ فيه حذف معطوفين؛ إذ التقدير الصناعيُّ: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا ودَاعِيهِمْ كمثل الذي يَنْعِقُ بالمَنْعُوقِ به.وقد ذهب إليه جماعةٌ، منهم: أبو بكر بن طاهر، وابن خروفٍ، والشَّلوبين؛ قالوا: العرب تستحسن هذا، وهو من بديع كلامها؛ ومثله قوله: {وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سواء} [النمل: 12] تقديره: وأَدْخِل يَدَكَ في جَيْبِكَ، تدْخُلْ، وأَخْرِجْها تَخْرُجْ؛ فحذف تَدْخُل؛ لدلالة تَخْرُج وحَذَف وأَخْرجْهَا؛ لدلالة وأَدْخِلْ، قالوا: ومثله قوله:لم يرد أن يشبِّه فترته بانتفاض العصفور حين بلَّله القطر؛ لأنَّمها ضدَّان؛ إذ هما حركةٌ وسكونٌ، ولكنَّ تقديره: أنِّي إذا ذكرته، عراني انتفاضٌ، ثمَّ أفتر؛ كما أن العصفور إذا بلَّله القطر، عراه فترةٌ، ثم ينتفض، غير أنَّ وجيب قلبه واضطرابه قبل الفترة، وفترة العصفور قبل انتفاضه.وهذه الأقوال كلُّهَا، إنَّما هي على القول بتشبيه مفرد بمفرد، ومقابلة جزء من الكلام السَّابق بجزء من الكلام المشبَّه به.أمَّا إذا كان التشبيه من باب تشبيه جملةٍ بجملةٍ، فلا ينظر في ذلك إلى مقابلة الألفاظ المفردة، بل ينظر إلى المعنى، وإلى هذا نحا أبو القاسم الراغب؛ قال الرَّاغب: فلمَّا شبَّه قصَّة الكافرين في إعراضهم عن الدَّاعي لهم إلى الحقِّ، بقصَّة النَّاعق قدَّم ذكر النَّاعق؛ لينبني عليه ما يكون منه، ومن المنعوق به.والكاف ليست بزائدةٍ؛ خلافًا لبعضهم؛ فإنَّ الصِّفة ليست عين الصِّفة الأخرى، فلابد من الكاف؛ حتى أنه لو جاء الكلام دون الكاف، اعتقدنا وجودها تقديرًا تصحيحًا للمعنى.وقد تلخَّص ممَّا تقدَّم: أنَّ {مَثَلُ الَّذِينَ} مبتدأٌ، و{كَمَثَلِ الَّذِي} خبره: إمَّا من غير اعتقاد حذف، أو على حذف مضافٍ من الأوَّل، أي: مثلُ: داعي الَّذين، أو من الثَّاني، أي: كَمَثَلِ بَهَائِم الَّذِي، أو على حذفين: حذف من الأوَّل ما أثبت نظيره في الثَّاني، ومن الثَّاني ما أثبتَ نظيره في الأوَّل؛ كما تقدَّم تحريره.والنعيق دعاء الرَّاعي، وتصويته بالغنم؛ قال الأخطل في ذلك: الكامل: قال القتيبيُّ: لم يكن جرير راعي ضأنٍ، وإنَّما أراد أنَّ بني كُلَيبٍ يُعَيَّرُونَ برعْيِ الضأن، وجرير منهم؛ فهو من جَهَلتهم، والعرب تضرب المثل في الجهل براعي الضَّأن، ويقولون: أجْهَلُ من رَاعِي ضَأْنٍ. اهـ.سؤالٌ ذكره عليُّ بن عيسى، وهو هل هذا من باب التَّكرار لمَّا اختلف اللَّفظ، فإنَّ الدعاء والنِّداء واحدٌ؟والجواب: أنه ليس كذلك؛ فإن الدعاء طلب الفعل، والنداء إجابة الصَّوت.وقال القرطبيُّ رحمه الله: النداء للبعيد، والدعاء للقريب، وكذلك قيل للأذان بالصلاة نداءٌ؛ لأنه للأباعد، وفي هذا نظر؛ لأنَّ النبيَّ عليه السلام قال: «الخِلافَةُ في قُرَيْشٍ، والحُكْمُ في الأَنْصَارِ، والدَّعْوَةُ في الحَبَشَةِ».قال ابنُ الأثِير في النَّهَايَة: أراد بالدَّعوة الأذان، وجعله في الحبشة؛ تفضيلًا لمؤذِّنه بِلالٍ، وقال شاعر الجاهليَّة: الوافر: أراد أذان الصُّبح، وقد تضمُّ النون في النِّداء، والأصل الكسر. اهـ. .قال الفخر: أما قوله تعالى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} فاعلم أنه تعالى لما شبههم بالبهائم زاد في تبكيتهم، فقال: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} لأنهم صاروا بمنزلة الصم في أن الذي سمعوه كأنهم لم يسمعوه وبمنزلة البكم في أن لا يستجيبوا لما دعوا إليه وبمنزلة العمى من حيث أنهم أعرضوا عن الدلائل فصاروا كأنهم لم يشاهدوها، قال النحويون {صُمٌّ} أي هم صم وهو رفع على الذم، أما قوله: {فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ} فالمراد العقل الاكتسابي لأن العقل المطبوع كان حاصلًا لهم قال: العقل عقلان مطبوع ومسموع.ولما كان طريق اكتساب العقل المكتسب هو الاستعانة بهذه القوى الثلاثة فلما أعرضوا عنها فقدوا العقل المكتسب ولهذا قيل: من فقد حسًا فقد علمًا. اهـ.قوله تعالى: {فهم لا يعقلون}.وقوله: {فهم لا يعقلون} تقريع كمجيء النتيجة بعد البرهان، فإن كان ذلك راجعًا للمشركين فالاستنتاج عقب الاستدلال ظاهر لخفاء النتيجة في بادئ الرأي، أي إن تأملتم وجدتموهم لا يعقلون؛ لأنهم كالأنعام والصمِّ والبكمِ الخ، وإن كان راجعًا للأصنام فالاستنتاج للتنبيه على غباوة المشركين الذين عبدوها. ومجيء الضمير لهم بضمير العقلاء تهكم بالمشركين لأنهم جعلوا الأصنام في أعلى مراتب العقلاء كما تقدم. اهـ.
|